بنية القصيدة الجاهلية وتوافر الوحدة فيها (معلقة زهير بن أبي سُلمى أنموذجًا)
DOI:
https://doi.org/10.32996/ijalls.2025.7.1.6الكلمات المفتاحية:
بنية القصيدة- الوحدة العضوية- معلقات- زهير بن أبي سلمى- العصر الجاهليالملخص
أثار موضوع وحدة القصيدة الجاهلية جدلاً بين النقاد القدماء والمحدثين، خاصّة في ظل ما يُعرف بالبنية الثلاثية التقليدية للقصيدة الجاهلية. فمعلقة زهير بن أبي سلمى تعتبر من إحدى أبرز المعلقات الجاهلية التي جمعت بين عمق التجربة الشعرية والنضج الفكري، ولطالما يهدف هذا البحث إلى تحليل بنية المعلقة من خلال تناول مفهوم وحدة القصيدة الجاهلية وهيكلتها، ثم تتبع الرؤى النقدية حول الوحدة، وصولًا إلى تحليل أجزاء من المعلقة وبيان مدى تماسكها. تميّزت القصيدة الجاهلية ببنية شبه ثابتة تتألف عادة من ثلاثة أقسام: الوقوف على الأطلال، الغزل أو النسيب والغرض الأساسي، هذه الهيكلة لا تعني بالضرورة التفكك؛ بل تعكس تقاليد فنية تشكّلت مع الزمن. ومع تطور النقد، نشأ مفهوم الوحدة بوصفه معيارًا لقياس تماسك النص، سواء على مستوى الموضوع أو على مستوى الرؤية النفسية والفكرية. فعند النقاد القدماء: لم يكن يُظهرون اهتمامًا كبيرًا بما يُعرف بوحدة الموضوع في القصيدة؛ بل على العكس اعتبروا التنقل بين الأغراض دليلاً على براعة الشاعر، وقد أشار ابن قتيبة والجمحي إلى أنَّ القصيدة الجاهلية تُبنى على التلوين والتنويع الفني أكثر من الالتزام بخط سردي موحّد، بينما انقسم النقاد المحدثين في تقييم وحدة القصيدة الجاهلية إلى قسمين، منهم من اعتبر أن القصيدة الجاهلية تفتقر إلى الوحدة، وعدّها "أصواتًا متفرقة" لا يجمعها خيط، ومنهم من أكّد على أن هناك وحدة شعورية ونفسية خفية تربط بين الأغراض، فالوحدة هنا تُفهم بوصفها بنية متماسكة وليست مجرد تسلسل منطقي للمعاني. ففي تحليل معلقة زهير بن أبي سلمى بدا أنه قد بنى معلقته على أسس نفسية وفكرية متماسكة، فجاءت موضوعاتها خادمة لرؤية واحدة تدور حول الحكمة والسلام، وبالتالي فإنَّ وحدة القصيدة متحققة لا بوحدة الغرض فحسب؛ بل بتماسك الرؤية الشاعرية، لذلك فإنّ الشاعر استطاع أن يُحدث توازنًا بين الشكل الجاهلي التقليدي وبين العمق الفكري والوجداني، وتدل تحليلات المعلقة على أن وحدة القصيدة الجاهلية ليست مفككة كما زعم بعض النقاد، بل إنها غالبًا ما تتأسس على روابط شعورية وفكرية تنبع من تجربة الشاعر ذاته.